سورة الزخرف - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67)}
قوله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ} يريد يوم القيامة. {بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} أي أعداء، يعادي بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا. {إِلَّا الْمُتَّقِينَ} فإنهم أخلاء في الدنيا والآخرة، قال معناه ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في أمية بن خلف الجمحي وعقبة بن أبي معيط، كانا خليلين، وكان عقبة يجالس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت قريش: قد صبأ عقبة بن أبي معيط، فقال له أمية: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا ولم تتفل في وجهه، ففعل عقبة ذلك، فنذر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتله فقتله يوم بدر صبرا، وقتل أمية في المعركة، وفيهم نزلت هذه الآية. وذكر الثعلبي رضي الله عنه في هذه الآية قال: كان خليلان مؤمنان وخليلان كافران، فمات أحد المؤمنين فقال: يا رب، إن فلانا كان يأمرني بطاعتك، وطاعة رسولك، وكان يأمرني بالخير وينهاني عن الشر. ويخبرني أني ملاقيك، يا رب فلا تضله بعدي، واهده كما هديتني، وأكرمه كما أكرمتني. فإذا مات خليله المؤمن جمع الله بينهما، فيقول الله تعالى: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول يا رب، إنه كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر، ويخبرني أني ملاقيك، فيقول الله تعالى: نعم الخليل ونعم الأخ ونعم الصاحب كان. قال: ويموت أحد الكافرين فيقول: يا رب، إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك، فأسألك يا رب ألا تهده بعدي، وأن تضله كما أضللتني، وأن تهينه كما أهنتني، فإذا مات خليله الكافر قال الله تعالى لهما: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول: يا رب، إنه كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك، فأسألك أن تضاعف عليه العذاب، فيقول الله تعالى: بئس الصاحب والأخ والخليل كنت. فيلعن كل واحد منهما صاحبه. قلت: والآية عامة في كل مؤمن ومتق وكافر ومضل.


{يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68)}
قال مقاتل ورواه المعتمر بن سليمان عن أبيه: ينادي مناد في العرصات {يا عبادي لا خوف عليكم اليوم}، فيرفع أهل العرصة رؤوسهم، فيقول المنادي: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ} فينكس أهل الأديان رؤوسهم غير المسلمين. وذكر المحاسبي في الرعاية: وقد روي في هذا الحديث أن المنادي ينادي يوم القيامة: {يا عبادي لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} فيرفع الخلائق رؤوسهم، يقولون: نحن عباد الله. ثم ينادي الثانية: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ} فينكس الكفار رؤوسهم ويبقى الموحدون رافعي رؤوسهم. ثم ينادي الثالثة: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 63] فينكس أهل الكبائر رؤوسهم، ويبقى أهل التقوى رافعي رؤوسهم، قد أزال عنهم الخوف والحزن كما وعدهم، لأنه أكرم الأكرمين، لا يخذل وليه ولا يسلمه عند الهلكة. وقرئ: {يا عباد}.


{الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)}
قال الزجاج: {الَّذِينَ} نصب على النعت ل {عِبادِي} لان {عِبادِي} منادي مضاف.
وقيل: {الَّذِينَ آمَنُوا} خبر لمبتدإ محذوف أو ابتداء وخبره محذوف، تقديره هم الذين آمنوا أو الذين آمنوا يقال لهم {ادخلوا الجنة}. قرأ أبو بكر وزر بن حبيش {يا عبادي} بفتح الياء وإثباتها في الحالين، ولذلك أثبتها نافع وابن عامر وأبو عمرو ورويس ساكنة في الحالين. وحذفها الباقون في الحالين، لأنها وقعت مثبتة في مصاحف أهل الشام والمدينة لا غير. {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ}. أي يقال لهم ادخلوا الجنة، أو يا عبادي الذين آمنوا ادخلوا الجنة. {أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ} المسلمات في الدنيا.
وقيل: قرناؤكم من المؤمنين.
وقيل: زوجاتكم من الحور العين. {تُحْبَرُونَ} تكرمون، قاله ابن عباس، والكرامة في المنزلة. الحسن: تفرحون، والفرح في القلب. قتادة: تنعمون، والنعيم في البدن. مجاهد: تسرون، والسرور في العين. ابن أبي نجيح: تعجبون، والعجب ها هنا درك ما يستطرف. يحيى بن أبي كثير: هو التلذذ بالسماع. وقد مضى هذا في {الروم}.

10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17